البائعات المتجولات مرآة لوضع مجتمعي واقتصادي كارثي في الأحواز
باتت ظاهرة البائعات المتجولات أحد الظواهر الشاذة الآخذة في الانتشار بأكثر المجتمعات المحافظة والتي تمنع تقاليدها وأعرافها وثقافتها انخراط المرأة في مثل هذه الأعمال، وهي الأحواز.
ولا تقتصر تلك الظاهرة على المناطق النائية أو المهمشة؛ بل وفي المدن الكبيرة كالأحواز العاصمة والسوس وعبدان والخفاجية والفلاحية وغيرهما.
وتعد هذه الظاهرة مرآة واضحة للأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب الأحوازي في ظل إدارة النظام الإيراني وحكمه الجبري التي دفعت بالمرأة الأحوازية العربية إلى افتراش الأرض لجمع ما يقيم سند الأسرة.
وبحسب الإحصاءات الصادرة عن صحف النظام الإيراني نفسه، فإن حجم النساء العاملات بسبب الظروف القهرية ولتأمين مقومات الحياة الأساسية لأسرهن بلغن 33 ألف امرأة أي 33 ألف أسرة.
وبحسبة بسيطة، إذا كانت الأسرة مكونة من 4 أفراد على أقل تقدير، فإن عدد الأفراد الذين بحاجة إلى عمل الأم يبلغ أكثر من 120 ألف فرد، ، وفق معهد الحوار للأبحاث والدراسات http://astudies.org
ووفق الرصد الميداني، فإن النساء اللواتي اضطررن لهذا العمل، إما مطلقات أو أرامل ممن فقدن أزواجهن لأسباب متعددة، ووجدن أنفسهن المعيل الوحيد للأسرة، وتزداد الصورة قتامة إذا كان أبناء المرأة من البنات، وهذا لسببين: الأول أن المرأة في المجتمع الأحوازي تحتاج إلى رعاية وإعانة لسنوات أطول من الولد الذي يمكن أن يتكفل بنفسه، الثاني أن فرص بنات البائعات المتجولات ضئيلة جدًا.
ورغم هذا العمل الشاق وغير المناسب للنساء، فإنهن لا يتكسبن مبالغ طائلة؛ بل بالكاد تكفي لسد أساسيات الحياة، إذ يبعن بضائع زهيدة ومردودها المادي متدني، هذا بالإضافة إلى المضايقات التي تفرضها البلديات عليهن، إما بمنعهن بالقوة أو مصادرة بضائعهن.
وفي هذا الصدد، تؤكد المنظمة الأحوازية للدفاع عن حقوق الإنسان، أنه في ضوء أحدث البيانات المتاحة، فإن المرأة الأحوازية تعيش في أوضاع معقّدة تسجل تدهورًا كبيرًا على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي.
وتشير المنظمة إلى أن المرأة الأحوازية تتحمل بمفردها نتاج إدارة النظام الإيراني الفاشية وتداعياتها من فقدان المعيل والترمل وحماية الأطفال وإطعامهم والعناية بصحتهم، في ظروف كارثية تنعدم فيها أدنى مقومات الحياة.
وتشدد المنظمة على أن النظام الإيراني وبكل أسف أهدر كرامة المرأة الأحوازية وانتهك كل حقوقها وتركها تكابد القهر والتمييز والعنف الممنهج، الذي لم يسبق أن شهد العالم مثيلا لها، فيما لم يخصص لهن أية ميزانيات من أجل دعم المعوزين منهن، في وقت يستحوذ فيه على خيرات الشعب الأحوازي.
وتضيف المنظمة أن الممارسات الإيرانية التعسفية ساهمت بشكل كبير في سوء أوضاع النساء الأحوازيات من حيث السلامة والأمن والحصول على أبسط حقوقهن من الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، إلى جانب الأعباء المضافة التي تتحملها النساء عند مقتل أو اعتقال أحد أفراد الأسرة، وتتحول في معظم الحالات إلى المعيلة الوحيدة للأسرة.
وتوضح المنظمة أن النظام الإيراني دفع بالمرأة الأحوازية إلى مواجهة المهام الشاقة المتمثلة في الحفاظ على تماسك العائلات بعد اعتقال رب الأسرة أو تصفيته، وتوفير الطعام والملبس والمأوى لأطفالهن وعائلاتهن.
وتحمل المنظمة النظام الإيراني المسؤولية الكاملة عما يحدث للنساء الأحوازيات، داعية المجتمع المدني إلى التحرك الجاد لإعانة المرأة الأحوازية عبر إجراءات فاعلة على أرض الواقع تتخطى بيانات الشجب والتنديد.
وتدعو المنظمة الأمم المتحدة والجهات المعنية بحقوق الإنسان والمرأة على وجه الخصوص، إلى إيلاء الاهتمام الخاص بما يحدث للمرأة الأحوازية من انتهاكات خطيرة سببت لها المعاناة المباشرة من خلال الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلّفها النظام الإيراني وأدت إلى تدهور الوضع الإنساني والاجتماعي والاقتصادي والأمني داخل الأراضي الأحوازية.